close
هل تقف حنكة الرئيس"الشيخ" بن حسونة في عقبة شباب تطاوين؟

هل تقف حنكة الرئيس"الشيخ" بن حسونة في عقبة شباب تطاوين؟

هل تقف حنكة الرئيس"الشيخ" في عقبة شباب تطاوين؟


إعلان الرئيس التونسي باجي قايد السبسي في خطاب “موجه للأمة” تدابير أمنية واقتصادية جديدة لاحتواء الاحتجاجات الشبابية في منطقة تطاوين الواقعة جنوب البلاد بين فكي الحدود مع الجزائر ومع ليبيا المضطربة، لا يبدو أن التدابير المعلنة تُطفئ غضب المحتجين فشعارهم”#الرُّخ لا” ما يزال الأعلى صوتا في المنطقة لا بل إنه ينذر باتساع الاحتجاجات لتشمل مناطق أخرى.

#الرَّخ لا” هاشتاغ انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وهي عبارة يرددها الشباب المعتصمون منذ شهر تقريبا في بلدة الكامور، نقطة عبور معظم شاحنات شركات النفط والغاز الناشطة في الصحراء التونسية، وتبعد قرابة 110 كيلومترا عن مركز محافظة تطاوين. تعني هذه العبارة أن المحتجين لن يتراجعوا ولن “يُرخوا” الحبل في مواجهة الحكومة.
تكليف الرئيس قايد السبسي الجيش بـ”حماية المنشآت الحيوية للثروات الطبيعية لتفادي وقف الإنتاج مجددا خلال أي احتجاجات”، خطوة أقدم عليها وهو “يعي أن القرار خطير ولكن يتعين تطبيقه لحماية موارد البلاد التي قال إن مسيرة الديمقراطية فيها أصبحت مهددة”.
مؤشرات عديدة تدعم مخاوف الرئيس التونسي، فالديمقراطية الناشئة تتعرض لتحديات كبيرة أمنية واقتصادية واجتماعية، ناهيك عن وجود البلد في محيط مضطرب. فبعد ست سنوات صعبة اقتصاديا منذ الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، باتت كلفة الاحتجاجات الاجتماعية باهضة جدا على الاقتصاد الذي يتعافى بالكاد.
الرئيس “الشيخ” في مواجهة مطالب الشباب
صحيفة “لوموند” الفرنسية النافذة في فرنسا والعواصم المغاربية، وصفت خطاب السبسي بأنه “محاولة مضنية لطمأنة بلد قلق ومضطرب”، وفي العاصمة تونس لا تخفي النخب السياسية والاقتصادية النافذة قلها من تفاقم الاحتجاجات في بلد يعاني عجزا ماليا كبيرا ويحاول جاهدا إقناع المؤسسات المالية الدولية وشركائه الأوروبيين بتمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بهدف تجفيف منابع التطرف والإرهاب والهجرة غير الشرعية في البلاد المصنفة من أكثر دول المنطقة تصديرا للجهاديين إلى مناطق النزاع في الشرق الأوسط.
لكن وصفة الرئيس السبسي ذو ال91 عاما والذي يوصف بـ”الشيخ المحنّك”، لحل الأزمة الاجتماعية القائمة في تونس، يبدو أنها تصطدم برفض جماعات الشبان المحتجين ومعهم طيف واسع من المجتمع المدني. وبرأي محللين فإن استمرار الأزمة يؤشر إلى فجوة عميقة بين تصورات الحكم في تونس وانتظارات الشباب خصوصا في المناطق الفقيرة، فما حقيقة هذه الفجوة وكيف تحدث في بلد تحكمه مؤسسات منتخبة ديمقراطيا، ويرى فيها المجتمع الدولي استثناء من دول الربيع العربي، بل حصل قادة المجتمع المدني فيها جائزة نوبل للسلام؟

تكليف الجيش بحماية المنشآت تنطوي على مجازفة
“إقحام الجيش مجازفة”
ردود الفعل في تونس على الإجراءات المعلنة من قبل الرئيس قايد السبسي تأخذ أبعادا متعددة، بعضها صدر من المعارضة، التي تنتقد إقحام الجيش في قضايا اجتماعية. الرئيس السابق منصف المرزوقي قال في تغريدة له على تويتر بأن “إقحام الجيش في نزاعات ذات صبغة نقابية سياسية خطّ أحمر”.
منتقدو قرار الرئيس السبسي ينطلقون من ضرورة الحفاظ على الدور الحيادي والاحترافي للجيش إزاء الصراعات السياسية الداخلية، ويستندون في ذلك على أن التزام الجيش بهذا الموقف هو واحد من أسباسب نجاح الثورة التونسية. لكن وجهة نظر الحكومة، التي يقودها نداء تونس بتحالف مع حزب النهضة، ترى أن البلاد بحاجة إلى حلول أمنية “حازمة” في مواجهة المخاطر التي تهدد الديمقراطية الناشئة واقتصاد البلاد الذي بات في وضع حرج جدا بسبب تصاعد الاحتجاجات وتعطيل الإنتاج.
وتكتسي طريقة الاحتجاجات أساليب تؤدي إلى إيقاف مناجم الطاقة وحقول البترول والغاز أو تعطيل نقل منتوجاتها إلى الموانئ. وقد أوضحت هالة شيخ روحه وزيرة الطاقة التونسية أن الإيرادات النفطية هبطت من ثلاثة مليارات دينار تونسي (1.24 مليار دولار) في 2010 إلى مليار دينار (413.96 مليون دولار) في 2016، وأشارت بأن الاحتجاجات وضعف الاستثمارات يتسبب في نزيف حاد لاقتصاد البلاد.
وباءت محاولات وفود حكومية للتفاوض مع المحتجين، ولا يبدو أي مؤشر على انفراج قريب. فقد تعهد المحتجون بمواصلة اعتصامهم في منطقة الكامور وسط دعوات لاحتجاجات أخرى، بينما شرعت وحدات من الجيش بالتمركز أمام مناجم الفوسفاط في جنوب غرب البلاد بولاية قفصة والمتلوي، وأمام حقوق البترول والغاز في أٌقصى جنوب البلاد، حيث تشكل حوالي 80 في المائة من إنتاج تونس من المحروقات.
ويطالب المعتصمون في تطاوين بتخصيص نسبة 70 بالمائة من الوظائف بالشركات البترولية في تطاوين لسكان الولاية، ونسبة 20 بالمائة من عائدات النفط لتنمية المنطقة. وهو ما اعتبره الرئيس قايد السبسي في خطابه بأنها مطالب “تعجيزية”.

شارك الموضوع إذا أعجبك :