الكامور من صنف الكبار بقلم : أ.الضاوي موسى
ضرب شباب تطاوين المعتصم منذ أكثر من شهرين مثالا رائعا في التعلّق بمبادئ الدّيمقراطيّة و في ممارسة التّظاهر السّلميّ الواعي و في الإصرار على أخذ نصيب جهته من التّنمية كما أظهر شجاعة و صبرا نادرين على تحمّل مشقّة البعد عن الأهل مع صيام رمضان المعظّم تحت لفح الهجير و أعطى فيما أعطى درسا للمتظاهرين في قلب العاصمة بحقّهم في الإفطار فشتّان بين صائم محتسب في قلب الصّحراء يفترش الحصير في ظلّ خيمة يطلب الحرّيّة و العدالة و ردّ الإعتبار و بين منغمس في نعيم الدّنيا مستلقيا على السّرير في غرفة تكيّف هواؤها ضاق صدره بشهر الصّيام فخرج على النّاس يعلن تبرّمه في صلف بالعقيدة و بالدّين الذي اختارته أمّتنا .... و هذا موضوع آخر.
اليوم صنّف الكامور ضمن قائمة الكبار في بلادنا و هذا مكسب لم تحظ به تطاوين منذ عرفنا تاريخها. اليوم تحرّك الإتّحاد العام التّونسيّ للشّغل ليكون طرفا موفّقا بين المواطن و الدّولة و ليكون ضامنا في التزام الحكومة بوعودها التي فقدت مصداقيتها على امتداد عقود في تلبية مطالب الجهة التّنمويّة.
و مهما يكن موقفي الشّخصيّ من الإتّحاد في نجاحاته و إخفاقاته فإنّ مجرّد دخوله عالم الكامور بالوساطة وتطييب الخواطر و الخروج بحلّ يرضي كلّ الأطراف عنوانا على قيمة هذا الحدث في تاريخ الجهة بل تاريخ تونس و درسا ستوليه الحكومات القادمة أكبر قدر من اهتمامها في العناية بالمناطق المهمّشة المنسيّة المستثناة من تاريخ البلاد وجغرافيتها. كما يشهد الإتّحاد بهذه الحركة على أنّ الكّامور صار حدثا وطنيّا صنّف ضمن قضايا الوطن الكبيرة و هذا واحد من مكاسبنا الكبيرة.
منظّمة الإتّحاد العام التّونسيّ للشّغل اكتسبت شرعيتها الوطنيّة منذ تأسيس أولى نقاباتها و اشتغالها بالدّفاع عن حقوق الشّغالين ظاهرا و بالشّأن السّياسيّ باطنا و ممارسة وفعلا . سجّل التّاريخ الحديث لهذه المنظّمة مواعيد عظيمة منذ عهد الإستعمار و اغتيال حشّاد إلى مختلف الأحداث الكبرى من مؤتمر الحزب سنة 1955 إلى أحداث الخبز إلى اعتصام باردو و غيرها من المواعيد، وها هي اليوم تعرض وساطتها بين شباب تطاوين والحكومة و هذه لعمري نتيجة إيجابيّة لإعتصام الكامور.
أعتقد أنّه على شبابنا اليوم أن يجلسوا حول طاولة الحوار مجتمعين و أن يعتبروا أنّ ما ينعت بانقسام داخل التّنسيقيّة مناورة ذكيّة ذلك أنّ التّسيقيّة في رأيي لم تنقسم بل مثّل شباب الكامور خطّ الهجوم السّلميّ و شباب الولاية خطّ الرّجعة الذي تفرضه تقنيات التّفاوض ومفردات الحوار.
صار الكامور يوما فارقا في تاريخ تطاوين و سيكون محلّ دراسة الباحثين الأكاديميّين في علم الإجتماع و في التّاريخ و الإقتصاد و السّياسة. ألم يعصف الكامور بأصحاب النّفوذ السّياسيّ و الأمنيّ في ظرف زمنيّ قياسيّ حسبي أن أذكر منهم واليين على رأس الجهة...
نريد أن نراكم يا شبابنا كبارا كما عهدناكم و نريد أن نعيش معكم متعة الإنتصار وكسر حواجز التّهميش، نحن لن نخذلكم و أهلكم في تطاوين يرون فيكم معاني البطولة والشّرف و الكرامة، نريد أن تعودوا مظفّرين و أن تستقبلكم تطاوين كما ودّعتكم من الرّقبة تحت الزّغاريد والهتافات.هذه هي الفرصة الوحيدة السّانحة الآن فلا تضيّعوها.
الضاوي موسى