نور الدين العلوي يكتب لـ عربي21: يحق لرئيس الحكومة التونسي أن يمد رجله
لا شيء قد يزعج السيد يوسف الشاهد رئيس حكومة تونس هذه الأيام. يبدو بصحة جيدة ويوالي الظهور في الأماكن العامة ويحاول استعمال لغة شعبية كما لو أنه مصاب بعقدة بن كيران المغربي. إنه شاب وطموح ومسنود بأصوله الحضرية. وفوق ذلك ليس له معارضة جديرة باسمها يمكن أن تزعج طريقته في إدارة البلد. كل شيء على ما يرام حتى أنه يمكن أن يفكر في رئاسيات 2019 ويفوز. لكنه ليس موضوع المقال إلا كعارض تقديم.
- الدينار التونسي المسكين.
ونامت الوزيرة قريرة العين لم يزعجها شيء وبات رئيس الحكومة ضاحكا فلا أحد من معارضيه أثار المسألة أو أزعج قيافته بتلميح إلى أن العملية الاقتصادية في كامل البلد تنهار بانهيار العملة الوطنية. وحدهم المهربون انتعشوا فالاقتصاد الموازي يملك أرصدته الكافية ليمول سوقا بسلع من كل مكان. خاصة وأن حكومة الشاهد لم تقم بأي إجراء احترازي لمنع التوريد بالعملة الأجنبية لحماية رصيدها منه.
- المعارضة تحب يوسف.
من فعل ذلك بالحزبين؟ من بدأ ومن أفرط؟ هذه تصبح تفاصيل غير مهمة لكن الأهم منها أن يوسف الشاهد وحكومته كان يراقب الوضع ويتمتع بالصراع ولو من وراء ضحكته البلهاء. فكل انشغال عن أعوار حكومته يمدد أجلها لذلك فإن المعارضة تحبه لأنها (تدعو لأندلس إذا حوصرت حلب)
معارضة تنشغل بذاتها وبمواقع قياداتها الاعتبارية التي لا يجب أن يطالها النقد أو التجريح مهما ارتكبت من حماقات سياسية. مثل هذه المعارك الجانبية في غير وقتها وليس لها موضوع حقيقي يطور الحياة السياسة تنتهي دوما لصالح حكومة الشاهد.
مضى الزمان الذي كان فيه المتفائلون يتحدثون عن تشكيل الكتلة التاريخية من شباب النهضة والتيارات السياسية التي كانت تعارض بن علي. لقد انتهت تلك الطموحات المتفائلة فلا كتلة تاريخية ولا حتى التقاء جبهوي مؤقت حول مسائل حيوية كإنقاذ العملة الوطنية من الانهيار إثر تصريح وزيرة غير منضبطة لقواعد العمل الحكومي.
الحالمون بتلك الكتلة التاريخية دخلوا الآن منطقة تنظيم الرثاء في الثورة لان قيادات العمل السياسي تنشغل وتشغل شبابها بمعارك تافهة وسخيفة من أجل مجدها الشخصي القصير الأجل. أمّا الثورة ومبادئها وشعاراتها فقد دخلت الخطاب الخشب الذي يستعمل في مواقف جاهزة في الإذاعة كلما أتاحت الحكومة فرصة لمعارض أن يتكلم ليغطي على أعوارها الديمقراطية. الطبقة السياسة عادت لزمن بن علي وقبل الشارع المسكين العمل في هامش الرضا الحكومة والفوز ببعض فجواته لمتعة النرجسية القيادية ليس أكثر. بإمكان يوسف أن يمد يده تحت فستان المعارضة فقد هيأت له وهو لا يستعصم.
- طريق الكامور قد يكون الحل
لقد ضيّعت حكومة الشاهد فرصة جمنة ومقترحاتها التنموية وهي تماطل معوّلة على ملل السكان متناسية أن سكان الصحراء لا يعرفون الملل وهم على أرضهم تلك الفرصة المهدرة تضاف إليها فرصة تطاوين وقد تنكسر هذه الحكومة في طريق الكامور فأصحاب مستغلات الطاقة أقوياء إلى درجة دفع الحكومة إلى الصدام لتحافظ على مصالحهم وخبراء الحكومة يعرفون أن المساس بسلامة السكان وقمع مطالبهم سيوسع بقعة الاحتجاجات.
غير أن ما يطمئن الشاهد أن المعارضة في العاصمة التي تتعارك على الظهور في برنامج تلفزي لن تقف مع احتجاجات تطاوين. لقد سجلت مواقف ببيانات مسطحة استعفت بها من التظاهر في الشارع (سابقا جاء أهل جمنة للتظاهر في العاصمة لأن سكان العاصمة المتضامين معهم في السوشيال ميديا لم يتحركوا فعلا لنصرتهم).
- مد كراعك يا يوسف.
الشارع مسؤولية حقيقية والكامور فصل منه مثلما كانت جمنة فصلا ومثلما هي الكاف الآن لكن يوسف مطمئن. ووزيرته تعبث بالعملة الوطنية؟ هذه المعارضة لن تسقط حكومة الشاهد مهما تردى الوضع الاقتصادي والاجتماعي لأنها بكل ببساطة تخاف من ممارسة السلطة بل لعلها وهو الأرجح عاجزة دونها. بما يجعل الشاهد هو الأقدر والأبقى ولو كان أعمش قصير النظر فهو في أسوء أحواله “عمشاء في بيت عميان”. فمد كراعك يا يوسف.